إن أمور الحمل والولادة لمن أكثر الأمور التي تترك أثرًا محوريًا في حياة الأم والأسرة وانطباعاتها، لا سيّما إن الحمل الأول للسيدة، فسرعان ما تعرف بخبر حملها حتى تحدث طفرة في مشاعرها فتمر بتجربة عاطفية وجسدية قوية جدًا وفي الأغلب يثير الوعي بأن تلك المشاعر واللحظات الخاصة الجديدة عليها تقترب من شعور الخوف.
تجربتي مع الخوف من الولادة
تشارك إحدى السيدات تجربتها مع الحمل والولادة فتقول مع اقتراب موعد الولادة كان يزداد خوفي داخلي، خوف ممزوج بقلق من عدة أشياء معًا من الحمل بشكل عام وعلى جنيني .
كنت بدأت أظن أنني أعاني من مشكلة ما نفسية، لكن بحثت حول الأمر فوجدت أن الخوف من الولادة هو شعور طبيعي يشعرن أغلب السيدات به وهو يطلق عليه طبيًا “التوكوفوبيا” ينجم من القلق على الجنين من إصابته بشيء سيء أو موته وغير ذلك.
لكن كان إحدى أسباب خوفي الجوهرية هي الخوف من المجهول وأنها كانت تجربة جديد كليًا عليّ لكنني اتبعت برنامج خاص موصى به من قبل أطباء مختصين بشأن التخلص من رهاب الولادة، وهو كالتالي:
- الولادة تجربة فريدة: حيث استحضرت التفكير الإيجابي حول أن الولادة تجربة فريدة من نوعها ليس أمر مكررًا بكثرة مما سمح لها بالنظر إلى الأمر كمغامرة رائعة وشيقة.
- الاستمتاع بكل لحظة: حيث أن كل ثانية تمر هي ذكرى مميزة تؤهل الفكر لاستقبال حدث جديد في حياتي فصرت أفكر في شكل الأسرة وكيف أن هناك طفلًا جميًلا سيأتي ينير حياتي، وهو الأمر الذي جعل تجربتي مع الخوف من الولادة إيجابية.
- عدم الاستماع للتجارب السيئة: حاولت قدر الإمكان عدم الاستماع للتجارب السلبية، خاصةً بعد الانتباه أن الكثير يميلون إلى تهويل الأمور لجذب الإثارة وتضخيم المعاناة، مع العلم أن ما يثبت علميًا أن حالات مضاعفات الولادة قليلة جدًا، والأغلب يمر دون أي مشاكل.
- سنة الحياة: النساء منذ بداية الخليقة وهو يحملن ويلدن وهي شيء طبيعي مثل التنفس والمشي، وأن الله إذا كلف أعان، فيمدد بالقدرة التي تجتازي بها الأمر بنجاح.
- تثقيف النفس: لقد تطور العلم وتطورت أدواته بشكل كبير مما يجعلك أكثر أمانًا، واطلاعك على المرحلة التي تمرين فيها فإن خوفك حتمًا يتلاشى بالتدريج، خاصة وإن سألت طبيبًا على كافة ما يخيفك فدائمًا سيكون لديه إجابة علمية ومنطقية حول ما تمرين به.
- البعد عن الجهل: هي قاعدة عامة الجهل يسبب الخوف، ونظرًا أن تجربتي مع الخوف من الولادة تعود إلى الخوف من المجهول فقررت مواجهة بالتعرف والاطلاع على كل ظروف حملي وما الذي أمر به بالتفصيل فسيولوجيًا وكيف أسير على وتيرة صحية تمامًا أحافظ بها على صحتي النفسية والجسدية.
- إبرة الظهر: تحدثت مع طبيبي حول الطرق التي قد تساعدني في الحد من الألم لحظة الولادة وما بعدها، وكانت نصيحته حول إبرة الظهر وقد أعطاني كافة التفاصيل حولها مما ساهم في اطمئناني.
- الاطلاع على مراحل الولادة: لمعرفة كيف يبدأ الأمر وكيف ينتهي يساعد بشكل كبير على إزالة المخاوف ويمدد القدرة بالسيطرة على الوضع.
- تقبل الدعم المعنوي: لا بد من استقبال الدعم النفسي والعاطفي من الزوج والأهل والطبيب وعدم الانغلاق مع الذات ومواجهة الأمر بمفردك.
- ممارسة الرياضة: مما يساعد في التهيئة الجسدية والنفسية، ومن أهم التمارين الهامة للحمل تمارين القرفصاء وتمارين التنفس واليوجا مما يحافظ على طاقة الجسم.
اطلع على: تجربتي مع الولادة الثالثة والاستعداد النفسي لها
أسباب رهاب الولادة
- المرور بتجربة طبية صعبة نجم عنها صدمة وخوف بشكل عام.
- عدم الاطلاع الكافي على تفاصيل الحمل والولادة.
- سماع تجارب سلبية دومًا من الآخرين.
- تعرض المرأة الحامل لضغوطات ذاتية.
- الرغبة الدائمة في السيطرة على الوضع ومعرفة ما سيصير، مع العلم أنه لا يمكن توقع ما قد سيحدث، فيصعب عليهن التعامل مع المجهول.
اطلع على: قصتي مع اكتئاب الولادة و الكآبة النفاسية
طرق علاجية للخوف من الولادة
إن أول من قد يلاحظ التوكوفوبيا هم أطباء النسائية حيث يمكنهم استشفاف علامات غير طبيعية على المرأة الحامل فيتم تحويلها إلى إحدى خبراء الصحة النفسية للتعاون في حل تلك المشكلة بالشكل المناسب للحالة، ولعل من أكثر طرق العلاج المتبعة:
العلاج المعرفي السلوكي
حيث يساعد المرأة الحامل في تفهم الخوف الغير مبرر الذي تشعر به ومنيه وكيف يؤثر على سلوكها وبالتالي طريقة التحكم فيه، فينشأ عن هذا تغيير نمط تفكيرها في الولادة وتزويدها بتقنيات مواجهة القلق، منها اللجوء لطريقة التنفس لتهدئة الأعراض الجسدية وبالتالي تتمتع بسلوك اهدأ وتفكير أوضح.
البوح بالمشاعر
يجب أن تدرك كل امرأة أنها لا يجب أن تخجل من مشاعرها وتتركها طي الكتمان أو تشعر بالإحراج بسببها، فيؤثر عليها سلبيًا شعورها بهذا التحدي، فالتعبير عن مكنوناتها سيوفر لها المساعدة الصحيحة بدلًا من تفاقم الأمر.
مضادات الاكتئاب
يتحدد هذا النوع من العلاج وفق حالة السيدة الحامل ومرحلة حملها، حيث يتم وصف جرعة آمنة من مضاد الاكتئاب للتقليل من أعراض القلق وتحسين تقلبات المزاج ووضوح التفكير.
الدعم الاجتماعي القوي
تكون الحامل بحاجة ماسّة إلى دعم زوجها وأسرتها، وإدراك الحالة التي تمر بها وتفهمها والاستعداد لتقديم الدعم مما يعزز قوتها لتخطي ما تشعر به من مخاوف.