من فضل الله قد منَّ علينا بقصار السور التي تتمثل في مجموعة كبيرة من الفضائل التي تؤثر على قارئها، تشفي صدره وتفرج همه، بل تهديه من الكفر والضلال وترحمه من عذاب الله.
السورة التي تعدل ربع القرآن
يقال أن هناك سور قصيرة قد تعدل نصف القرآن أو ربع القرآن أو ثلث القرآن، وهذه السور تتمثل في:
- سورة الكافرون: تعدل ربع القرآن.
- سورة الإخلاص: تعدل ثلث القرآن.
- سورة الزلزلة: تعدل نصف القرآن.
هذا تبعًا للحديث الشريف
“من قرأ إذَا زُلْزِلَتْ فنصفُ القرآنِ ومن قرأ قُلْ يَا أيُّهَا الكَافِرُونَ فربعُ القرآنِ وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ثلثُ القرآنِ”
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي “لأن القرآن يشتمل على أحكام الشهادتين وأحوال النشأتين فهي لتضمنها البراءة من الشرك ربع”
من الجدير ذكره أنه عند القول إن سورة الكافرون تعدل ربع القرآن.. فلا نعني بذلك ثواب القراءة.
حيث في ذلك إشارة إلى أحكام القرآن حيث أن سورتي الكافرون والإخلاص جامعتان لـ 85% من أحكام القرآن، إذ لا نتحدث عن ثواب القراءة بل نشير إلى الأحكام.
تعرف على: ما هي السورة التي ذكر فيها صلاة العيد والأضحية
نبذة عن سورة الكافرون
السورة مكية، عدد آياتها ستة، وترتيب نزولها التاسع عشر، أما ترتيبها في المصحف 109، وعدد كلماتها 26.
يمكننا القول إن السورة بالرغم من صغرها وتكوينها من 26 كلمة فقط بيد أنها تحتوي على ربع أحكام القرآن الكريم، وهذا من إعجاز القرآن الكريم.
كما أنها تحمل خصائص السور المكية من توحيد الله تعالى، عبادته عز وجل حق عبادته، ترك عبادة من سواه، وإثبات البعث والجزاء.
تعرف على: ما السورة التي سميت باسم من أركان الإسلام ؟
تفسير سورة الكافرون
“قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ (1) لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ (2) وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ (3) وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ (4) وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ (5) لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ (6)”
ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره سورة البراءة من العمل الذي يقوم به المشركون، وهي التي تأمر قارئها بالإخلاص في عبادة الله وحده لا شريك له.
- قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ: يخاطب الله – عز وجل- كل كفار أثيم على وجه الأرض، ويخص في هذا النداء كفار قريش، وهم الذين جهلوا دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم- وخلصوا إلى عبادة أوثانهم التي لا تضر ولا تنفع.
- لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ: يقول لهم رسولنا الكريم أنه حاشا أن يعبد غير الله – عز وجل- أو أن يشرك به أحد؛ لأنهم طلبوا من الرسول أن يعبد ما يعبدوه من أصنام وأوثان وأنداد سنة، وأن يعبدوا هم الله – عز وجل- سنة وهذا ما يسمى بالمداهنة في الدين.
- وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ: ولا هم يعبدون الله – عز وجل-
- وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ (4) وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ: أي أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- لا يعبد ولا يسلك ولا يقتدي بها، وإنما يعبد الله على الوجه الذي يحبه عز وجل ويرضاه؛ لذا فقد أشار رسولنا الكريم أنهم لا يقتدون بأوامر الله وشريعته.
- لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ: هنا يتبرأ رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم من شركهم بغير الله – عز وجل- إن العابد لا بد له من معبود يعبده وعبادة يسلكها إليه، فإن رسولنا الكريم ومن تبعه يعبدون الله – عز وجل- لذا قال لهم رسول الله لكم دينكم ولي دين.
سبب نزول سورة الكافرون
في رواية ابن إسحاق عن ابن عباس – رضي الله عنه – ذكر أن هناك جماعة من المشركين، أتوا إلى رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – قائلين له “هلم فلنعبد إلهك مدة، وأنت تعبد آلهتنا مدة، فيحصل بذلك الصلح بيننا وبينك”
أي يطلبون من الرسول – صلى الله عليه وسلم- أن يداهن في دينه وحاشاه أن يفعل؛ فنزلت السورة.
هناك الكثير من الأحاديث التي ذُكرت في هذا الصدد على لسان ابن كثير التي تتناول أهمية سورة الكافرون، وكيف كان رسولنا الكريم يشير لنا في أحاديثه الشريفة عن أهميتها.
علاوة على العديد من الأحاديث التي تبرهن عن أهميتها، بل وبراءتها التي ينزلها الله على قارئها، إذ تبرأ آياتها من الشرك بالله عز وجل.
تعرف على: سورة من سور القرآن يطلق عليها الساهرة والطامة
مواضع مستحبة لقراءة سورتي الكافرون والإخلاص
يُستحب قراءة سورة الكافرون في عدة مواضع، والتي تتمثل في أفضال السورة، فعلاوة على كونها من سور المفصل فإن قراءتها في أوقات ومواطن معينة له فضل كبير.
أولًا: في ركعتي الفجر أو ركعتي قبل الفجر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد.
قالت عائشة – رضي الله عنها- “نعمَ السورتانِ هما يُقْرآنِ في الركعتينِ قبلَ الفجرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ”
ثانيًا: في ركعة الوتر
– كان نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُوتِرُ بثلاثٍ ب { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } و{ قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } و{ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ }
ثالثًا: في ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم
روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون.
رابعًا: قراءة سورة الكافرون عند النوم
قال نوفل بن معاوية وجبلة بن الحارث “إذا أخذتَ مَضجعَك منَ اللَّيلِ فاقرَأْ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثُمَّ نَمْ على خاتمتِها فإنَّها براءةٌ منَ الشِّركِ.
كما روي عن فروة بن نوفل: أنَّهُ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئًا أقولُهُ إذا أوَيتُ إلى فِراشي، فقالَ: اقرأ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فإنَّها براءةٌ منَ الشِّركِ قالَ شُعبةُ: أحيانًا يقولُ مرَّةً وأحيانًا لا يقولُها.
القرآن الكريم كله خير، ليس لسروة على أخرى فضل إلا ما ورد منها بدليل، لذا فإن كل مسلم يرغب في التقرب إلى الله يتساءل عن السورة التي تعدل ربع القرآن.