وزع المولى عز وجل على عِباده أرزاقهم بنسب متفاوتة لكنها مُكللة بالعدل، فالأقل في المال أوسع في البنون، والأوسع في الصحة قد يكون أقل في المال، لذا شرع الزكاة تُحدث التكافؤ بين العباد باختلاف أقدارهم.
العناصر
- المقدمة.
- شروط إخراج الزكاة.
- عوامل صحة الزكاة.
- من يستحق الزكاة؟
- مشروعية الزكاة.
- فضائل الزكاة.
- عقوبة مانع الزكاة.
- خاتمة البحث.
مقدمة بحث عن الزكاة
تُعد الزكاة من أوجه التعبُد للمولى عز وجل؛ حيث إنها رُكن أساسي من أركان الإسلام، وهي أن يُخرج العبد ماله إرضاءً لله، ولا يقتصر فضلها على ذلك، بل تشتمل على دعم اقتصاد البلاد وتحقيق المُساواة.
شروط إخراج الزكاة
1- تجب على كل مسلم
قال الله تعالى:
(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة: 103]
حيث خص الله تعالى المسلمين بالزكاة لتطهير أموالهم ومحو ما تقدم من ذنبهم، علاوةً على زيادة البركة والرزق
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَثَ معاذًا إلى اليمنِ فقال:
(ادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رسولُ الله، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ قد افتَرَض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهم بأنَّ الله افتَرَض عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم، وتردُّ في فُقَرائِهم). الراوي: معاذ بن جبل | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 19 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لا يفوتك أيضًا: بحث عن السنة النبوية ومكانتها مع المراجع PDF
2- إخراج الزكاة بحرية المُزكي
العبد المُسلم من يملك كامل الحرية في إخراج ما يرغب من ماله، فلا زكاة على العبد فيما يملك.
ثانيًا: شروط مُتعلقة بالمال
- يُمكن أن تكون الزكاة في الذهب أو الفضة أو الأنواع المختلفة من الثِمار، علاوة على ما تشتمل عليه التجارة بما فيها الأنعام.
- الملك الكامل للمال المُزكى به، وذلك ما اتفق عليه علماء المذاهب الأربعة.
- أن يكون المال، فروى ابن عمر رضي الله عنهما وقال سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:
(لا تُقبَلُ صلاةٌ بغيرِ طُهورٍ، ولا صَدَقةٌ مِن غُلولٍ) الراوي: عبد الله بن عمر | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 224 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] | التخريج: من أفراد مسلم على البخاري.
- بلوغ المال النِصاب، وهو القدر المُحدد الذي لا يُمكن إخراج زكاة للمال الذي لا يبلغه، فعن أبي سعيد الخدري رويّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(ليس فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ صَدَقةٌ، وليس فيما دونَ خمْسِ ذَودٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خمْسِ أوسُقٍ صدقةٌ) الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1405 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] | أحاديث مشابهة | شرح الحديث
عوامل صحة الزكاة
أولًا: عقد النية
يجب على المُزكى أن تكون نيته خالصة للمولى تعالى، لقوله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البينة: 5]
فإن دفع العبد الزكاة لكن دون نية لا يحصل على أجرها، وعليه، فيكون ذلك الفارق بينها وبين الصدقة، فالصدقة نافلة إن لم يدفعها العبد لا تبقى عليه، أما الزكاة تبقى دين عليه من الواجب دفعه.
ثانيًا: تحقيق الملكية
يجب أن تُملك للأشخاص الأكثر استحقاقًا، كما لا توجد معايير تُحدد مدى الاستحقاق لكن من غير الجائز أن تُمنح للمجنون أو الصبي الذي لا يُفرق بين الخطأ والصواب.
من يستحق الزكاة؟
- الفقراء والمساكين: حاجة الفقير للصدقة تفوق حاجة المسكين في رأي بعض العلماء، لكن الرأي الآخر يؤكد أن حاجة المسكين أشد.
- العاملون عليها: هم الذين يقومون بجمع الزكاة وتقسيمها وشراء بها حاجات الفقراء والمساكين.
- المؤلفة قلوبهم: من غير المسلمين، الجدير بالذكر أنهم قد يكونوا من شرفاء أقوامهم ولا يحتاجون الزكاة، لكن عطية المسلم لهم تُبرز سماحة الدين الإسلامي وتحثهم عن اعتناقه.
- من في الرقاب والعبيد: هم المملوكين لبعض الشرفاء، فتكون الزكاة أولى لتحريرهم من الرق.
- الغارمون: مَنّ تراكم عليه الدين بسبب عدم القدرة على الدفع أو بسبب دفع مبلغ لعدم نشوب مشكلة بين عائلتين، فهو يستحق أن تُصرف له الزكاة.
- المُجاهد: المجاهدين الذين يُمكنهم الحصول على أموال الزكاة لتجهيز الجيش وعتاده.
- ابن السبيل: المُسافر إلى بلاد بعيدة لم يتبقى معه ليُلبي حاجاته، حتى إن كان من الأثرياء في بلده.
مشروعية الزكاة
شرع المولى تعالى الزكاة وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمس لتحقيق العدل والمُساواة بين عِباده، فمن لم يكن له رزق واسع في ماله يُمكنه تلبية احتياجاته بالزكاة التي يُقدمها الغني في رزقه له، كحق له لا صدقة أو تطوع، قال تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [سورة الذاريات: 19]
فالزكاة هي السياسة الاجتماعية التي تحقق التكافل بين الأفراد، وسد الفوارق الاجتماعية، فضلًا عن أن ثمرات الزكاة لا تقتصر على المحتاجين فقط، بل تمتد إلى من يُخرج الزكاة ويُطهر أمواله به.
كذلك الحصول على البركة في الرزق، فالزكاة تُبارك المال وتحميه من المضار، وتُرسخ الإيمان وحب الغير، وذلك ما أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) [سورة الحشر: 7]
لا يفوتك أيضًا: بحث عن الصلاة وأهميتها مع المقدمة والخاتمة PDF
فضائل الزكاة
- من يؤدي الزكاة يكون أدى الركن الثالث من أركان الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ) الراوي: – | المحدث: الألباني | المصدر: تخريج مشكلة الفقر | الصفحة أو الرقم: 57 | خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- جاءت مُقترنة بالصلاة في كتاب المولى عز وجل في قوله تعالى:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [سورة البقرة: 110]
- سبب في دخول الجنة.
- منزلة المُزكي مُقترنة بمنزلة الشهداء والصديقين.
- يتذوق العبد بفضلها حلاوة الإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ثلاثٌ مَن فَعَلَهنَّ فقد طَعِمَ طعْمَ الإيمانِ: مَن عبَدَ الله وحْده، وعلِمَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأعطى زكاةَ ماله طيِّبةً بها نفسُه، رافدةً عليه كلَّ عامٍ، ولم يُعطِ الهَرِمةَ ولا الدَّرِنةَ ولا المريضةَ ولا الشَّرَطَ اللَّئيمةَ، ولكنْ مِن وسَطِ أموالِكم؛ فإنَّ اللهَ لم يسألْكم خَيرَه ولم يأمُرْكم بشَرِّه) الراوي : عبدالله بن معاوية الغاضري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1580 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
عقوبة مانع الزكاة
من يمنع الزكاة جهلًا بما يعتريها من واجبات فلا يُعاقب على إثمه لا سيما إن كان حديث اعتناق الإسلام وليس لديه الدراية الكافية بأحكامه، فقال الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [الإسراء: 15]
أما من منع إخراج زكاته عن قصد هو يكفر بالله عز وجل ويُعاقب.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(مَن آتاه اللهُ مالًا، فلم يؤَدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له ماله شُجاعًا أقرَعَ، له زبيبتانِ، يُطوِّقه يومَ القيامة، يأخُذُ بلِهْزِمَتَيهِ- يعني شِدْقَيه، ثم يقول: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُك) الراوي: عبد الله بن عمر | المحدث: أحمد شاكر | المصدر: تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم: 8/84 | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيحكما رويّ أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما مِنْ صاحِبِ ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يؤدِّي منها حقَّها إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ، صُفِّحَتْ له صفائِحُ من نارٍ، فأُحمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ، فيُكوى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلَّما برُدَتْ أُعيدَت له، في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سَنةٍ، حتَّى يُقضَى بين العبادِ؛ فيُرَى سبيلَه؛ إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار) الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 987 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد
خاتمة بحث عن الزكاة
تضمن الزكاة الإيثار لدى العبد الذي يُعد أعلى درجات الإيمان، فيُخرج المسلم ماله لتلبية حاجات غيره، وبذلك يُهذب حب التملك لديه ويُرسخ قواعد العقيدة داخله.
تحميل بحث عن الزكاة PDF
تتسع فضائل الزكاة؛ لكونها نظام اجتماعي يحد من عِدة آفات، فتمنع الثروات الطائلة لدى فئة مُجتمعية بعينها وفرض سيطرتها على المجتمع، والحد من شُحنة الفقراء تجاه الأغنياء؛ لتحقيق مفهوم التكافل الاجتماعي.