يُعد الخرس الزوجي من أقسى المشاكل الزوجية، والتي تُؤرق كلا الزوجين، خاصةً المرأة، وتحِد من جودة الزواج، وتجعل من البيت غير سعيد أبدًا، فلا سعادة في منزلٍ لا يُحادث الزوج فيه زوجته، ويُشاركها كل ما ألم به في يومه.
حكم الزوج الذي لا يتحدث مع زوجته ؟
حين شرّع الله -سبحانه وتعالى- الزواج كان هذا ليعيش الزوجين في مودة ورحمة، يكون كلاهما سكنًا للآخر، لا ندًا له، يهوّن كلاهما الحياة على الآخر، وأن يكون الود بينهما دواءً لما بالدُنيا من ألم.
قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [ الروم: 21]
أمّا عن الخرس الزوجي، وترك الزوج امرأته دون أن يُحادثها، فهو ليس أبدًا من الود الذي أمر به الله تعالى، فقد حدد الواجبات والحقوق التي عليها يسير الزواج.
قال جل في عُلاه مؤكدًا أن الحياة الزوجية بها كم من الحقوق:
“رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” [البقرة: 128].
ما يعني أن الله تعالى أمر الزوج بأن يُحسن إلى زوجته، وهي كذلك بطبيعة الحال، وأن تبقى المعاملة بينهما في ودٍ ووئام، وأن يكون دومًا قريبًا منها ويُشاركها كل أموره، لهذا شُرع له الزواج، أن يجد لنفسه سكنًا من الأساس .
لا يفوتك أيضًا: كيفية التعامل مع الزوج كثير الخصام
حكم ترك أمور الزوجة دون اهتمام
ليست قلة الكلام الأمر الأسوأ، فعدم الاهتمام بها وحالتها النفسية والجسدية والمادية كذلك ليس أيضًا من الإسلام، وهو ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ورد عن عبد الله بن عمر أنه قال:
“كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ”. الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 7/138 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (2554)، ومسلم (1829)، وأبو داود (2928)، والترمذي (1705)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9173)، وأحمد (5167) واللفظ له
متى يحل للرجل عدم الكلام مع زوجته؟
في سياق الحديث حول حكم الزوج الذي لا يتحدث مع زوجته على الرغم أن هجر الزوجة والابتعاد عنها ليس من المُباحات، إلا أن هذا الأمر له بضعة استثناءات محددة.
1- نشوز الزوجة
يُمكن للرجل بها أن يبقى بعيدًا عن زوجته هو حين تكون ناشزًا، أي تأبى أن تسمع إلى رأيه مادام في طاعة الله، وتُعرض عن أداء واجباتها الزوجية.
حيث قال تعالى في كتابه الكريم: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” [ سورة النساء: 34].
2- وجود عذر شرعي
أحيانًا يكون الزوج معرضًا عن زوجته ولا يُجامعها بسبب مرورها بفترة دورتها الشهرية مثلًا، لكن هذا لا يعني ألا يتحدث معها ويُعرض عنها تمامًا، بل إن عليه في هذه الفترة أن يُكثر من العناية بها أساسًا، فالعامل النفسي ضروري جدًا.
أسباب عدم حديث الزوج مع زوجته
إن كان حكم ترك الزوجة دون مُحادثتها يقع ضمن الأمور غير المباحة، فإنه يجب الخلاص منه، وهذا لا يتم إلا بتفادي الأسباب، واحدًا تلو الآخر.
- غالبًا ما لا تكون الزوجة هي المُسبب الرئيسي، بل العوامل الخارجية في حياة كلاهما من ضغوطات.
- أحيانًا يكون الرجل فقط غير راغب في الحديث عمّا في داخله، وهذه طبيعة من الصعب تغييرها.
- بعض الرجال حساسين بعض الشيء مثل المرأة تمامًا، فإذا ما جاء للتحدث معك ثم وجدك منشغلة بشيء آخر كالحاسوب أو الهاتف، فهذا يجعله غير راغب في الحديث معك مرة أخرى.
- لا يُحب الرجل أن تتم السخرية من الأمور التي يراها كبيرة ومؤثرة، سواء في العمل أو الحياة.
- أن الزوجة تلاحق زوجها في كل مكان يذهب إليه، وتود أن تعلم كل صغيرة وكبيرة عنه، وتتصل هاتفيًا بكثرة، هذا يخنق الرجل، ويجعله يشعر أنه راغب في أن يهرب من هذا الحصار الذي فرضته المرأة.
- أحيانًا يكون الرجل مدمن عمل، لا يُريد سوى أن يضع طاقته في عمله، والتواصل بالنسبة له لا يُشكل أهمية كبيرة.
- التوافق الفكري بين الزوجين هو ما يخلق حديثًا، وعدم وجوده يُخلف صمتًا تمامًا كما الصحراء.
- الملل في الزواج أيضًا، ويأتي نتيجة الروتين والتكرار، ذات الحديث كل يوم، وذات الطعام، لا شيء جديد.
- حين يكره الزوج صفة ما في شخصية زوجته، ولا يكون قادرًا على البوح لها بها، فإنه يبدأ في الابتعاد عنها وعدم الحديث ظنًا منه أنها بهذا تكتشف المشكلة وحدها، ولا يُترجم أنها لن تعرف بنفسها أبدًا.
علاج ابتعاد الزوج عن الزوجة
من الأساسي أن تحاول الزوجة بذل القليل من الجهد كي تحل مشكلة الصمت بينها وبين زوجها، وحين يستمر الأمر دون أية نتيجة.. فهنا يُمكنها أن تأخذ خطورة العتاب التي تليها ترك العلاقة المؤذية إن لم يُجد هو الآخر نفعًا.
1- استشاري العلاقات
من المهم أن يلجأ الزوجين إن لم يجدا سبيلًا للخلاص من مشكلة إلى أخصائي العلاقات، والذي يُساعد كلاهما على تخطي المشكلات التي لا يملكا لها حلًا.
حيث يُساعد كلاهما على إيجاد قواسم مشتركة يتحدثا فيها، وهوايات ونشاطات جديدة، ومن ثمّ إدراج هذا في جدول أسبوعي، بحيث يعتاد كلاهما على ممارسة هذا بانتظام.
2- التركيز على النقاش
إن حل أي مشكلة يكمن مبدئيًا في معرفة أسبابها ثم تخطيها، لذا فالحوار يكشف هذه الأسباب ويوفر مسافة طويلة، فمن المهم أن يكون بين الزوجين لغة حوار تكفل لكل منهما معرفة احتياجات الآخر.
لا يفوتك أيضًا: بوستات عن اهمال الزوج لزوجته والزوجة لزوجها
3- التركيز على ذاتك
إذا كنت طوال الوقت مُحبطة، وتنشرين هذه الطاقة السلبية بين المحيطين فيجب أن تكوني حذرة من هذا، طاقتك ومظهرك الخارجي عوامل جذب قوية جدًا أو تنفير لزوجك، فاحرصي على أن تُركزي على التحسين من هذه الأمور طوال الوقت.
4- مبادلة الصمت بالصمت
هذه الطريقة لا تنفع مع جميع الرجال، إلا أن البعض منهم يشعر بالتوتر إذا وجد أنه فقد إحاطتك به طوال الوقت، واكتشف أنك لست مضمونة كما كان يظن.
حتى إذا لم يحل هذا المشكلة، فالنسبة الأكبر من السيدات تشعرن تلقائيًا بالتحسن بعد تطبيق هذه الطريقة لأنهن يعدن مرة أخرى إلى الإمساك بزمام الأمور.
حكم الزوج الذي لا يتحدث مع زوجته في الإسلام ليس بهين، فلا يقبل الإسلام أبدًا برجل يبتعد عن زوجته ويُحزن قلبها بلا أي سبب وجيه، هذا ليس من خلق الإسلام أبدًا.