يأتي رمضان كل عام بفضائله، فيفتح الله فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وفي ذلك رحمةً من الله لتجنب المعاصي والسعي للتقرب إليه بالطاعة والعبادة، وقبل دخول شهر رمضان تستقبل الأمة هذا الزائر بفرحة غامرة وسرور وهو ما يظهر في خطبة تكون بمثابة إعداد للشهر الكريم.
خطبة الجمعة عن دخول شهر رمضان
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وفقنا الله سبحانه وتعالى لِما يُحب ويرضى، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وعلى آلة وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا..
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا” (الأحزاب:70 – 71).
أما بعد..
إننا اليوم على أعتاب شهر عظيم تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، فينبغي على المسلم الحق أن يكون حريصًا على استغلال هذا الشهر الكريم أفضل استغلال.
وفقًا لما جاء على لسان نبينا ورسولنا الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، وفرض الله الصيام في شهر رمضان وفي ذلك مضاعفة للأجور. الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 2009 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
فلا يجب أن يكون الصوم من أجل تقليد من حوله بل لأنه يبتغي الحصول على الأجر العظيم من خلال الصيام، وجعل الله في العبادات تيسيرًا على المسلمين امتثالًا لقوله تعالى:
“يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” (البقرة: 185)
لذلك عند عدم القدرة على الصيام لوجود عذر مقبول فلا حرج ولا كفارة وهذا يدل على مدى تيسير الله على المسلمين.
إذا كان مريضًا مرض يستدعي الإفطار، أو إذا كان كبيرًا في السن، فعليه إطعام مسكين عن كل يوم لم يصم فيه استنادًا لقوله تعالى:
“وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ” (البقرة: 184).
أما إذا كان المرض جائز شفاؤه بعد ذلك فإنه يعود ليصوم الأيام التي فاتته يعوضها سواء كانت أيامًا متفرقة أم مجتمعة ولا يلزم في هذه الحالة أن يطعم المساكين، وذلك امتثالًا لقوله – عز وجل-:
“فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة: 184)
من نعم الله علينا أنه لا يؤاخذ عباده إذا نسوا أو أخطؤوا لذلك عند النسيان والشرب أثناء نهار رمضان فإن صيامه صحيح وذلك وفقًا لما جاء في الصحيحين عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
“إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ”. الراوي : أبو هريرة | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 2/316 | خلاصة حكم المحدث : صحيح متفق عليه [أي:بين العلماء] | التخريج : أخرجه البخاري (6669)، ومسلم (1155) واللفظ له
أما إذا احتلم الصائم وهو نائم فما عليه إلا الاغتسال أما صيامه فهو صحيح، أما إذا خرج منه المني أثناء اليقظة عن عمد منه فصيامه غير جائز ووجب عليه التوبة عن هذه الأفعال.
احبائي واخواتي إن الصلاة هي عماد الدين، فلا بُد من الالتزام بها في المواعيد المحددة لها، أما عن الخشوع فيها فهو أمر لا بُد منه؛ لأن الصلاة لا تكون حركات خالية من الروح فقط.
ما أجمل مشاهد الأطفال الصغار وهو يؤدون الصلوات في المساجد أثناء شهر رمضان، فهو أمر يأخذ الوالدان ثوابه وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-
(مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِين).
لا بُد أن نعلم أبناءنا مراعاة حرمة المساجد، وتعظيم شعائر دين الله، وتعلم الآداب الدينية والخشوع أثناء الصلاة فقد كان رسول الله يوصي أصحابه دائمًا بعدم الجهر بالصلاة فقال:
“وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ”.
بلغني الله رمضان وإياكم فتقبل الله منّا منكم فتغفر ذنوبكم وتبيض صحائفكم ويرضى الله عنكم، ويرزقكم حسن الخاتمة.
اللهُمَّ أَصْلِحْ لِنا دِينِنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لِنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشنا، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِنا الَّتِي فِيهَا مَعَادنا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِنا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
لا يفوتك أيضًا: نص خطبة عن ليلة النصف من شعبان كاملة 1444
أدعية لاستقبال شهر رمضان
- اللهم إني أسألك العفو والعافية في دنياي وآخرتي، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني وأهلي ومالي، اللهم احفظني واحفظ لي أحبتي من كل شر.
- اللهم افتح لي أبواب رحمتك التي لا تغلق في وجه سائل، اللهم اغفر لي ذنوبي وارحم أمواتنا يا أرحم الراحمين.
- اللهم تقبل مني الصيام في هذا الشهر الكريم بقبولك الحسن، وتجاوز عن سيئاتي وارحمني واعفو عني أنت مولاي فانصرني على من عاداني.
- اللهم طهرِّرني من الذنوب والعيوب، واسألك التوفيق في دنياين اللهم اعفو عني وعن والداي وارحمني وانصرني على القوم الكافرين.
- اللهم اجعل لي نصيب من كل خير يا أكرم الأكرمين، فاحفظني بحفظك واحفظ لي أحبتي، واجعلني من عبادك المخلصين المتوكلين عليك نعم المولى ونعم النصير.
- اللهم أعني على الصيام ووفقني لما تحب وترضى، اللهم حبب إليَّ الإحسان وكره إلىَّ الفسوق والعصيان، اللهم إني أعوذ بك من كل مكروه يألم قلبي.
- اسألك ربي حسن الختام وتقبل الصيام، فلا تجعلني من الخاسرين في رمضان واحفظني يا ارحم الراحمين.
- اللهم اجعلني من عتقائك من النار في هذا الشهر الكريم واجعلني ممن تدركهم برحمتك بحق لا إله إلا الله.
- نسألك يا الله أن تكون 30 ليلة من الغفران والاطمئنان وتحقيق الدعوات التي ارتفعت إلى السماء.
- يارب اجعل رمضان بداية لأفراحنا ونهاية لأحزاننا وأعنَّا على الصلاة والصيام وقراءة القرآن.
لا يفوتك أيضًا: صيغة دعاء اللهم بلغنا رمضان وأنت راض عنا غير غضبان
كيف أستقبل شهر رمضان؟
- الدعاء: إن الدعاء هو أنسب وسيلة للتضرع إلى الله في شهر رمضان الكريم، حيث إن الله يُحب العبد الذي يلجأ إليه في وقت المحن والصعاب.
- الصلاة: من أكبر النعم التي أنعم بها الله على عباده هو التوفيق إلى طاعته، وبمجرد دخول شهر رمضان المبارك يجب التقرب إليه والالتزام بالصلوات في أوقاتها، ولا سيما صلاة التراويح والسُنن والنوافل وقيام الليل.
- التفقه في الدين: يُعد الشهر الكريم أنسب الشهور للتوجه إلى الله والتفقه في أمور الدين، والتدبر في قراءة القرآن الكريم، ولكن يجب التخطيط المُسبق لذلك حتى يتم بالطريقة الصحيحة.
- التهيئة النفسية: يجب الاستعداد النفسي قبل دخول شهر رمضان؛ حتى يتم الاستفادة منه قدر المستطاع ويجب أن يضع برنامجًا لِما يريد أن يحققه في خلال هذا الشهر لاغتنامه في طاعة الله.
- صلة الرحم: إن صلة الرحم تعد من الأعمال الصالحة التي يكون الهدف منها هو التقرب إلى الله في المقام الأول، كما أن إرسال التهنئة إلى الأقارب بحلول الشهر الكريم من اللفتات التي تثير البهجة في نفوس الأخرين.
- الاعتكاف: وفقًا للسنة النبوية الشريفة يلتزم البعض بالاعتكاف في المساجد خاصةً في العشر الأواخر من رمضان وفي ذلك تقربًا لله سبحانه وتعالى.
أفضل الأدعية المأثورة لاستقبال رمضان
اللهم ارفع ابي مكاناً عليّا، واجعله مقبول بكرمك، مكفول بذكرك مشمول بعفوك فائز برضاك ناظر لوجهك الكريم ومن ورثة جنتك جنة النعيم
اللهم اصرف عن بيوتنا المرض والهموم والقلق والأحزان ومن علينا بالسكينة والستر والأمان.
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق، والأعمال والأهواء، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا متقبلًا .
اَللّهُمَّ وَفِّقْني فيهِ لِمُوافَقَةِ الأَبْرارِ، وَجَنِّبْني فيهِ مُرافَقَةَ الأَشْرارِ، وَآوِني فيهِ بِرَحْمَتِكَ إلى دارِ الْقَرارِ واِهْدِني فيهِ لِصالِحِ الأَعْمالِ، وَاقْضِ لي الحَوائِجَ والآمالَ.
يا ربّ افتح لنا أبواب الخير في هذا الشهر و اغفر لنا ما فات و اجبُر خواطرنا فيما هُو آت.
اللهم إني أسألك بحق هذا الشهر، و بحق من تعبد لك فيه من ابتدائه إلى وقت فنائه، أن تصلي على محمد و آله، و أهلنا فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك، وأوجب لنا فيه ما أوجبت لأهل المبالغة في طاعتك، واجعلنا في نظم من استحق الرفيع الأعلى برحمتك.
لا يفوتك أيضًا: دعاء الوتر مكتوب ومختصر في شهر رمضان
شهر رمضان هو شهر النفحات والرحمات، لذلك يجب تجنب الإصرار على فعل المعاصي الذنوب حتى لا تمنع نفسك من الاستمتاع بروحانيات هذا الشهر الكريم.