يعد الدعاء من الطرق المختصرة التي يمكن للعبد التواصل به مع ربه سبحانه، فيشكو لخالقه ما يعاني من هموم أو مرض أو حيرة أو ظلم، وأحيانًا يتوجه بالدعاء لله كي يرد عنه قضاءً كتبه عليه.
وإن تدعو الله برد القضاء ليس نابعًا من عدم رضاك عما كتبه الله عليك، ولكن الله تكفل لك أن تدعو بما تحب ما دمت متأدبًا في الدعاء، ومن أمثلة هذا النوع من الدعاء ما يلي:
“اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
“لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
“اللهم إني عبد ضعيف لا حول لي ولا قوة، فتلطف بي يا الله، ورد عني ما يحزنني، وما يفجعني، وما يسبب لي الألم”.
دعاء رد القضاء السوء واللطف في القدر
قد يظن البعض أن مقولة ” اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه” من العبارات المستحبة، ولكنها لا ترد القضاء، لكن يمكنك الدعاء بما نصحنا الرسول الكريم به في حديثه، وهو دعاء شامل يحميك من مصائب الدهر:
اللَّهُمَّ إني أعوذ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، وَالهَرَمِ، وَالبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحيَا وَالمَماتِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرّجالِ
دعاء رد القضاء السوء مكتوب كامل
من المهم أن يظهر العبد لربه أنه قانع بقضائه لكنه يرغب في أن يرد الله عنه القدر المؤلم مثل فراق الأحبة، أو الكرب المفاجئ، ويعد الدعاء التالي من أشهر تلك الأدعية:
“اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمرى، إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك”.
أدعية لرد القدر السيء
ذُكر حديث عن الرسول الكريم قال فيه صلى الله عليه وسلم “لا يرد القضاء إلا الدعاء” وهو حقيقي بالطبع، لكن يقصد نبينا هنا أن القضاء الذي سوف يرد المعلق وليس المحتوم.
فهناك أمور حتمية لابد وأن يواجهها الإنسان بصدر رحب إيمانًا بقضاء الله مثل الموت، وكذلك الرزق، ونوع الجنين وغيره، لكن يمكن للعبد الدعاء بالتالي:
اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي.
- إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها.
- اللهم اغفر لي وله واعقبني منه عقبى حسنة.
دعاء رد القضاء ورفع البلاء
إن الله رحيم بعباده، ولولا رحمته تلك ما تمكن المكلوم من تحمل مصابة، فإن رغبت في الاستعانة بالله من القضاء المعلق، يمكنك قول دعاء رد القضاء واللطف فيه :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرْكِ الشَقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيِعِ سَخَطِكَ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
“اللهم لك الحمدُ كلُّه، اللهم لا قابضَ لما بسطتَ، ولا مُقَرِّبَ لما باعدتَ، ولا مُباعِدَ لما قرَّبتَ، ولا مُعطِيَ لما منعْتَ، ولا مانعَ لما أَعطيتَ اللهم ابسُطْ علينا من بركاتِك ورحمتِك وفضلِك ورزقِك”.
« يا فارج الهمّ ويا كاشف الغم فرج همنا ويسر أمرنا، وارحم ضعفنا وقلة حيلتنا، وارزقنا من حيث لا نحتسب يا رب العالمين، اللهم إني نسألك أن تجعل خير عملنا آخره، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، إنّك على كل شيءٍ قَدير».
أسباب استجابة الدعاء
البعض يسأل لماذا أدعو الله ولم يرزقني الله بإجابة ما دعوت حتى الآن، في الواقع ليس عدم استجابة الدعاء دليل على أن الداعي شخص سيء، وأن الله لا يرضى عنه، فقد يكون دعائه حال بينه وبين قضاء سيء كان مكتوب عليه، أما بقية الأسباب فهي تتمثل في الآتي:
عدم الأخذ بالأسباب
- نقصد هنا أن يتَكل العبد على الدعاء دون أن يفعل ما عليه، فمثلًا يدعو الله السداد والنجاح وهو لم يذاكر جيدًا، أو أن يدعو الله بأن يشفيه لكنه لم يذهب للطبيب لفحصه أو تناول أدوية، تساعده على الشفاء.
الدعاء بما لا يجوز
- هناك بعض الأشخاص من يفهمون الدعاء بشكل خاطئ، كأن يدعو بالسوء على شخص يكرهه، وينتظر من الله أن يريه فيه عجائب قدرته رغم أنه لم يظلمه ولم يفعل ما يضره.
- أو أن يدعو العبد بشئ محرم يعلم أنه من الأمور التي تغضب الله، مثل السارق الذي يسأل الله الستر والسلامة رغم ذهابه للسرقة.
أكل الحرام
- من أسباب عدم استجابة الدعاء أيضًا أن يكون الداعي يتعامل بالربا، أو يسرق من حقوق الآخرين حتى يزيد ماله، أو أن يأخذ إرث يتامى أو شخص ضعيف دون وجه حق.
- فكيف له أن يرفع يديه لله يسأله من فضله وهو مستمرًا في غيه وظلمه.
غفلة القلب
- هناك أشخاص يدعون الله بما يرغبون ولكنهم بداخلهم يظنون أن الله لن يستجيب وقتها يتحقق هذا الخاطر فعلًا ولا يستجاب الدعاء، فمن شروط استجابته أن يكون العبد متيقنًا بأن الله سيحقق له مراده، وليس العكس.
ودليل ذلك قول النبي الكريم: ” «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»، الراوي : أبو هريرة | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب الصفحة أو الرقم : 2/397 | خلاصة حكم المحدث : [فيه]صالح المري تركه أبو داود والنسائي | المحدث : إسناده ضعيف.
من الأدعية التي ذكرنا رأينا كيف أن دعاء رد القضاء من الأشياء المستحب الدعاء بها لله، لكن يتم ذلك وفق ضوابط معينة وآداب متعارف عليها، كما أننا ذكرنا لكم أسباب عدم استجابة الله للدعاء.
