يعتبر الغبن بنوعيه الفاحش واليسير من المواضيع التي يبحث عنها أصحاب المعاملات التجارية الخاصة التي تقع في نطاقات استثنائية وتحت ظروف مختلفة عن تعاملات السوق العادية، ويعد الغبن بشكل عام من المآثم كونها أحد ضروب الظلم في البيع والشراء ويعد أحد صور الخداع الدارجة في المعاملات المالية.
مفهوم الغبن الفاحش في القانون والشريعة
الغبن لغةً هو لفظ مشتق من الغبنه في البيع والشراء، وتقال كلمة غبنًا بمعنى نقصًا أو تغييرًا في السعر، وفي الفقه هو عقد المعاوضة الذي لا يستوفي القيمة.
قانونًا فإن الغبن مصطلح يشير إلى عدم تعادل ما يقدمه العاقد من سلعة وقيمتها الحقيقية حسب ما يقدمها أحد العاقدين الآخرين لها في ذات السوق.
- علاقة الغبن بالتغرير: يقترن هذا بمجموعة من المعاملات القانونية المذكورة في قوانين بعض البلدان مثل الإمارات والعراق والأردن، حيث يدرج مصطلح التغرير ويرد كثيرًا في القانوني.
| علاقة الغبن والاستغلال | الاستغلال مصطلح أكثرًا ورودًا في القانون الغربي
وهو منوط بوجود طرف أضعف في العقد يكون مضطرًا إلى قبول الغبن وهو وارد كذلك في القوانين العربية. |
| مجالات وقوع التغابن | الغبن ذو طابع مادي يستحيل عليه التحقق والانتقال للواقع
إلا بعقد بين الطرفين يوجب به البيع أو التقايض بشيء نظير آخر. |
ارتباط الغبن بالتغرير والاستغلال هو تخريج لمفهوم الغبن من الحيز المالي والمادي إلى الطابع الشخصي، وهو ما لا يشمله القانون السعودي بصيغة واضحة.
بذلك يصل الغبن إلى العقود الاحتمالية مثل التأمينات الاجتماعية وكذلك إلى التبرعات، وهو ما يظهر الغبن فيه لدى التطبيق.
لا يفوتك أيضًا: شروط حبس المدين في القانون السعودي
شروط الغبن في العقد
بالتعرض إلى شروطه فيمكننا الإجابة والتعرف على الغبن الفاحش حيث أنه في حالة التعرض لخداع مالي وتلاعب على إثر غبن فاحش فإن القضاء يقف في صف المخدوعين الذين يرفعون دعوى قضائية، ومن الشروط:
- أن يكون العقد هو موضوع الاختلاف بين الطرفين حيث أن الطرفين عليهم الالتزام بقوانين العقد المبرم، ويستثنى بالطبع من ذلك أن يكون النزاع في عقد من طرف واحد.
- العقد يجب أن يكون بصيغته التقليدية ولا يكون بصورة مزاد أو مناقصة.
- إدراج المدة المحددة للالتزام من النقاط الهامة التي تتم بها صحة العقد، وعندما يجاوز العقد مدة الخمسة سنوات فإن العقد يكون من النوع الفاحش.
- يحق للمدعي أن يفسخ الطلب أو يعدله متى ثبت وقوع الغبن، وذلك عن طريق المحكمة.
أسباب سقوط دعوى الغبن
في أحوال العديد يكون المدعي صاحب دعوة باطلة وتقرر المحكمة في النهاية أنه لم يتعرض للظلم، وتوجد مجموعة من الشروط وأسباب قبول الدعاوى التي بمعرفتها
- من أسباب سقوط الدعوى التردد والمماطلة في رفعها، وفي أحيان عديدة يتساقط الغبن بالتقادم.
- يسقط الغبن المرفوع دعواه بعد 15 سنة من تحرير العقد وإبرامه، ولا يمكن الاعتراض بعدها.
- إذا كان الغبن قضية مرفوعة من قبل الجهات الرسمية فإن الدعوى تسقط بعد عام واحد من إبرام العقد.
- تسقط الدعوى والعقد إذا كان العقد مبرمًا بين شخصين غير كاملين الأهلية أو لديهم موانع شخصية أو قانونية لإبرام العقد، وتحدد مدة التقادم من تاريخ اكتساب الأهلية أو الموت، وهي بمدة عام واحد.
لا يفوتك أيضًا: 3 شروط المطالبة بالتعويض عن أضرار التقاضي في السعودية
الغبن في الفقه الإسلامي
الغبن بمعناه المعتدل يراد به انتفاع البائع بمنتجه الذي يبيعه بصورة مغالية، بحيث يزيد سعرها على المشتري وتخفض تكلفتها على البائع.
الغبن من المرفوضات في الشريعة بالقطع، ومن الناحية القانونية فإن القانون السعودي يتخذ من الفقه الإسلامي أحد مراجعه الأصيلة في التشريع.
في الفقه الإسلامي الغبن نوعان لا يختلفان في النوعية ولكن في الكمية، فهو إما غبن يسير أو فاحش، من أشكال الغبن اليسير الخداع الذي لا يترتب عليه شيء ذا بال.
أما الفاحش منه فهو المحرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“من غشنا فليس منا”. الراوي: عبدالله بن مسعود |المحدث: الهيتمي المكي | المصدر: الزواجر عن اقتراف الكبائر | الصفحة أو الرقم: 1/244 | خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد | التخريج: أخرجه ابن حبان (5559)، والطبراني (10/169) (10234)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/189)
حسب ما ورد في تصانيف الفقهاء فإن الغبن الفاحش يبدأ من الثلث في المزايدة بالنسبة لسعر السلعة، ويرى فريق آخر أنه السدس، وفريق آخر قدره بالعشر.
يرجح بين هذه الآراء ما يسنح للمختصين وأهل الخبرة في تقدير الحد والسعر السوقي للسلعة الذي معه ينقلب الغبن من يسير إلى فاحش، الغبن الفاحش نوعان: متولد عن خداع، إما المتولد عن العلم والرضا.
الغبن المبني على جهل المشتري محرم لما قاله الله في الآية الكريمة:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا”.
الغبن المبني على العلم هو نتيجة الاحتكار وبيع السلعة اليسيرة في وقت الشدة بسعر أعلى من قيمتها الحقيقية، ويكون ذلك عندما يملك البائع أمره ولا يكون مضطر إلى ذلك، بل يفعله ابتغاء الربح.
إذا كان المشتري يعلم بمقدار الغبن في هذه البيعة ورضي بها فإنه فعل خيرًا وأحسن إلى المبايع، وهذا ليس من باب التبذير والإسراف، وهو معروف في البيع، حيث قال الرسول:
“كل معروف صدقة”.
الغبن المحرم آثاره معروفة، وثالثا أنواع الغبن هو المسترسل الذي يخرج عن العادة، فله الخيار بين الفسخ والإمضاء، ويقول الإمام مالك المسترسل هو الجاهل بقيمة السلعة.
لا يفوتك أيضًا: ما حكم الحضانة للأطفال وهل يجوز أخذ الطفل من أمه
أقسام الغبن في الشريعة الإسلامية
يمكن للغبن الفاحش أن يتم خلال المعاملات المالية والتجارة التقليدية حيث أنه يقع بين البائع والمشتري الذي يُغش دون علم بسعر السلعة.
التنفيذ في القانون السعودي يقع على كل تاجر يقوم بذلك علمًا بسعر السلعة الأصلية في السوق، ويكون في حالة رفع المشتري دعوى ضد البائع، لأن ذلك يضع عملية البيع والشراء في حكم البيع عن تراض ما لم يصدر عن المشتري شكوى.
في أحكام الشرعية الإسلامية ينقسم الغبن إلى يسير وفاحش، ويكون اليسير منه في العقود المبرمة التي لا يتأثر بها العقد من الناحية القانونية.
أما الغبن الفاحش فعندما يكشف يترتب عليه معه فسخ العقد وبطلانه وفي بعض الأحيان تعديله حسب تقرير المحكمة، وهو ما يؤدي إلى استرجاع شريعة العقد بعد التخلص من جوانب الغبن الفاحش فيه.
الغبن هو حالات العقود المتضمنة اليسير التي تعود على العقود التجارية بتأثير سلبي، والأمثلة على ذلك مثل: عقود البيع والشراء مع المرضى الذين يحتضرون، عقود بيع أموال المضاربة من قبل رب المال، وعقود بيع من جانب مريض حتى يسدد عليه من الديون.
في الحالات السابقة يجب فسخ العقد ويطلب من الطلب البائع أن يعدل العقد حتى يتناسب مع نسبة الغبن اليسير المعمول بها.
نستطيع تكوين فهم واضح لسؤال الغبن الفاحش بالقانون السعودي من خلال التعرض إلى الشروط وتفاصيل تطبيق القانون التي ترتكن إلى مجموعة من المبادئ والأساسات.
