يبحث الأشخاص عن أسئلة كثيرة في مسألة إخبار الزوج بما تفعله المرأة، فمن الممكن أن تقف المرأة في حيرة إن كان ما تفعله دون علم زوجها يُعد شيئًا صحيحًا أم لا، خاصةً إن كانت تعلم أن ذلك يُسبب خلاف بينه.
هلهل يجوز للزوجة عمل شيء دون علم زوجها ؟
يختلف الأمر وفقًا للحالة وما تريد أن تفعله، ولكن في أغلب الحالات فعل شيء دون علم الزوج لا يجوز وفي حالات أخرى يكون ذلك جائزًا.. لذا يجب الدراية الكافية لجواز عمل شيء من قِبل الزوجة دون علم زوجها.
أولًا: ما هو جائز فعله
1- مساعدة أهلها في النفقة دون علم زوجها
إن كان الأهل من الفقراء، وكان الزوج يمنع النفقة عليهم، يجوز عدم إخباره في تلك الحالة، أما إن كانت النفقة على سبيل التبرع، والمقصود هنا أنهم ليسوا بحاجة إلى النفقة ولكن ذلك على سبيل الإحسان إليهم، فهنا اختلفت الآراء في تلك الحالة.
الدليل على ذلك ما ثُبت أن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أَنَّهَا أَعْتَقَتْ ولِيدَةً ولَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُهَا الذي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قالَتْ: أَشَعَرْتَ يا رَسولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ ولِيدَتِي؟ قالَ: أَو َفَعَلْتِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إنَّكِ لو أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كانَ أَعْظَمَ لأجْرِكِ. الراوي: ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري
هناك دليل آخر عن جابر بن عبد الله قال:
إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَامَ فَبَدَأَ بالصَّلَاةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَزَلَ، فأتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وهو يَتَوَكَّأُ علَى يَدِ بلَالٍ، وبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فيه النِّسَاءُ صَدَقَةً.
قُلتُ لِعَطَاءٍ: أتَرَى حَقًّا علَى الإمَامِ الآنَ: أنْ يَأْتِيَ النِّسَاءَ فيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ؟ قالَ: إنَّ ذلكَ لَحَقٌّ عليهم، وما لهمْ أنْ لا يَفْعَلُوا؟!
الراوي: جابر بن عبد الله | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري
لا يفوتك أيضًا: تحليل عقلية الزوجة التي تجادل زوجها
2- إخفاء الزوجة للمعاصي التي قامت بارتكابها
قد تلجأ المرأة إلى إخفاء بعض الأمور عن زوجها، لكونها تكون سببًا في غضبه، فيجوز لها ذلك، فهذا بإجماع أهل العلم، كما إنها يجوز لها إخفاء المعاصي التي بينها وبين الله تعالى.
حيث إن الله تعالى أمر أن يستر الإنسان نفسه إن قام بمعصية الله، فقال صلى الله عليه وسلم:
“كلُّ أُمَّتي مُعافًى إلا المجاهرين، وإنَّ من الجِهارِ أن يعملَ الرجلُ بالليلِ عملًا ثم يُصبِحُ وقد ستره اللهُ تعالى فيقولُ: عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يسترُه ربُّه، ويُصبِحُ يكشفُ سِترَ اللهِ عنه” الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم: 4512 | خلاصة حكم المحدث: صحيح | التخريج: أخرجه البخاري (6069)، ومسلم (2990) باختلاف يسير.
3- إخفاء المرأة للأعمال الصالحة التي قامت بها
يجوز للمرأة إخفاء صالح الأعمال والطاعات، إن كانت رغبتها في أن تقوم بذلك كخبيئة عند الله تعالى، وأن يظل الأمر بينها وبين الله تعالى فقط، وسوف يكون بذلك جزاء لها بكل الخير.
فقال تعالى:
﴿إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ سورة البقرة [271:
4- إخفاء المرأة أسرار الآخرين عن زوجها
لا يجوز للمرأة أن تخبر زوجها بما اؤتمنت عليه، أي إنه إذا قام أحد الأشخاص بإخبارها بسرًا ما، لا يجب عليها أن تخبر زوجها بتلك الأسرار، ويجب عليها أن تحافظ عليها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان”. الراوي: أبو هريرة | المحدث: ابن العربي | المصدر: عارضة الأحوذي | الصفحة أو الرقم: 5/308 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد
5- أخذ مال الزوج دون علمه
يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه، وذلك إن كان الزوج معه من المال ما يكفي، وكان بخيلًا معها ومع أبنائه، فيجوز لها أخذ المال ولا يعتبر ذلك سرقة إن كانت بحاجة إلى ذلك المال.
دَخَلَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا ما أَخَذْتُ مِن مَالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فَهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِن جُنَاحٍ؟
فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خُذِي مِن مَالِهِ بالمَعروفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 1714 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
ثانيًا: ما هو غير جائز فعله
1- خروج المرأة من المنزل دون علم زوجها
لا يجوز للمرأة الخروج من المنزل بدون علم زوجها، وذلك بالاتفاق، وإن فعلت ذلك تكون عاصية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إذا استأذنَكم نساؤكم بالليلِ إلى المسجدِ فأذَنوا لهنَّ وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ” المحدث: العظيم آبادي | المصدر: عون المعبود | الصفحة أو الرقم: 3/209 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
لا يفوتك أيضًا: هل شرب الزعفران من محظورات الإحرام
2- دخول أحد المنزل بدون علم الزوج
يجب أن تعلم المرأة أولًا أن الحياة الزوجية يجب أن تكون قائمة على الصدق والصراحة، وقد أوجبت الشريعة الإسلامية ضرورة إظهار الزوجة بعض الأشياء التي لا يجب إخفاؤها على زوجها.
من تلك الأشياء معرفة الأشخاص الذين يدخلون بيته؛ حيث إنه لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد بيته بدون علمه، وذلك لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا تَصُمِ المَرْأَةُ وبَعْلُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، ولا تَأْذَنْ في بَيْتِهِ وهو شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ، وما أنْفَقَتْ مِن كَسْبِهِ مِن غيرِ أمْرِهِ، فإنَّ نِصْفَ أجْرِهِ له”. الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 1026 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
يوجد بعض الحالات التي يمكن للمرأة فيها أن تقوم بفعل شيء ما بدون علم زوجها، وذلك لأنه يكون في ذلك الأمر خيرًا لها، ولكن في حالات أخرى لا يجوز ذلك وتكون عاصية.