إن الامتثال للآخرين والبحث عمّن نقتدي به من الصِفات الطبيعية التي تتوافر فينا جميعًا؛ بل إنها من السلوكيات الواجبة، فتكون لهم القدوة بمثابة نبراس لهم يُضيئ لهم حياتهم، وقد كانت القدوة بادئة من إرسال الرُسل والأنباء؛ ليمتثل الناس لهم فيرشدونهم إلى طريق الحق والرشاد مُطبقين رسالة الله لهم.
على الطُلاب تعلُم ماذا تعني القدوة؟ إذ أنهم في العُمر المُناسب الذي يُقلدون فيه الآخرين؛ لبناء الشخصية، فعلى الأهل والمدرسة أن تُبيّن لهم القدوة الحسنة التي يجب الامتثال بها دونًا عن غيرها؛ فيرشدونهم إلى الطريق الصحيح، مُستخدمين في ذلك الوسائل التعليمية المُختلفة.
العناصر
- مقدمة تعبير عن القدوة الحسنة.
- معايير اختيار القدوة الحسنة.
- أثر الاقتداء بالقدوة الحسنة.
- نماذج في القُرآن الكريم عن القدوة الحسنة.
- خاتمة تعبير عن القدوة الحسنة.
مقدمة موضوع تعبير عن القدوة الحسنة
قال تعالى: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” (سورة فصلت: الآية 33)، فقد ورد في القُرآن الكريم الكثير من الآيات التي تُبيّتن صفات القدوة منها ما جاء مُباشرًا.. ومنها ما دلّ عليها، فكان ضروريًا التعرف عليها لمعرفة بمن نقتدي فنُحسن العمل.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن طاعة الوالدين واجب ديني واجتماعي
معايير اختيار القدوة الحسنة
هُناك عددًا من الضوابط التي يجب الأخذ بها لحيازة لقب القدوة الحسنة، فمنها الضوابط التي حددها الشرع ومنها ما حددها المُجتمع.
1- العلم النافع
يلزم أن تكون القُدوة الحسنة عالِمة بكافة الجوانب في الحياة، مُختصة في مجالًا مُعينًا يُريد أن يكون في قمته وقدوة لغيره، ولا بُد أن يكون العلم صحيحًا مُتسلحًا بكافة أدواته.
2- حُسن الخلق
إن أكبر مؤثر في الغير الشخص الذي يتحلى بالأخلاق الحسنة والمُسالم الذي لا يسعى إلى الرياء؛ بل تكون نابعة في النفس، ساعيًا إلى رضا الله والتحلي بأخلاق الرسول، مُساهِمًا في نشر السلوكيات القويمة في المُجتمع.. فيحرص الناس على تقليده والتحلي بالأخلاق التي يتسِّم بها.
3- التحقق من مصدر المعلومات
كُلما زاد العلم أصبح الإنسان أكثر قُدرة على التحصيل؛ إذ تتوسع مداركه ويُصبح قادرًا على التأثير في الآخرين ومعرفة كيفية الوصول إليهم، لذا لا بُد من الحِرص على التيقًّن من أن ما تمدهم به من المعلوماتِ صحيحًا.
إذ أن صدور كلمة واحدة منك دون قصدٍ؛ يتناقل بين الناس؛ مُسببًا المُشكلات وانتشار المعلومات الخاطئة، مما يؤثر على مُجتمعًا كاملًا فينسى الكثير من المفاهيم الصحيحة مُبدلًا إياها بما نقلت.
4- الإيمان بالأفكار
حتى تكون قدوة حسنة لا بُد من أن تكون مؤمنًا بقناعاتك الشخصية، مُتخذًا إياها منهجًا في الحياة، مُمتلكِا قُدرات الإقناع.. حتى تتمكن من التأثير على غيرك وإقناعهم بالأفكار التي تُريد، مُتحليًا بالصفات الحميدة التي لا تتضارب مع الأفكار التي تتبناها.
5- الالتزام بالتطبيق
لا يُمكن أن تكون هُناك قدوة لا تُنفذ ما تقول أو تنصح الناس به فالقدوة ليست مُجرد امتلاك الأفكار أو العلوم مهما كانت نافعة؛ بل يجب العمل بما تعلمه، فدون التطبيق لا يُمكن اعتبار القدوة، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ” (سورة )
قد تنصح الآخرين بالصدق دون أن تكون كذلك، فكيف لشخصٍ أن يتخذك قدوة؟ بل تكون قدوة سيئة فيفعل مثلك مُحتذيًا بك مُختلقًا لنفسه المُبررات.. فلا يجب أن تكون القدوة مُتضاربة الشخصية، وقد قال حسن البصري في ذلك: “عظ الناس بفعلك، ولا تعظهم بقولك”.
6- التحلي بالإخلاص
إن الإخلاص غاية.. والتي لا يجب أن يسعى إليها الراغب في أن يكون قدوة فقط؛ بل يجب أن تكون غاية مُجتمعية، ويكون إخلاص القدوة في العمل والعِلم والقول، فهو من أهم معايير القدوة الحسنة.. فإذا لم يكُن كذلك، كان سببًا في ضلال جميع الخلق.
7- صلاح الحال
أرأيت قدوة حسنة تمتلك صفاتًا سيئة أو غير سوية.! بالطبع لا فعلى القدوة أن تتأسى برسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فلا يُمكن الاقتداء بالشخصية غير الصالحة، والتي تظهر عليها صفة عدم الصلاح وتتسم بالطباع والصفات السيئة، قال تعالى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (سورة الأحزاب: الآية 21) فإذا أردت أن تكون قدوة صالحة عليك التحلي بخُلق الرسول.
8- التحلي بالحِكمة والصبر
هُناك الكثير من الصفات التي يجب أن تتحلى بها القدوة الحسنة ويطبقها والتي أبرزها: “الحِلم، الصبر، الصفح، الحِكمة، الصدق، أن يوافق القول الفعل، التجاوز”، قال تعالى: “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ” [ سورة السجدة: 24]
أثر الاقتداء بالقدوة الحسنة
- إن الاقتداء بالآخرين ممن هُم أفضل من الفطرة التي جُبل الإنسان عليها، فركّز الإسلام على إبراز صفاتها؛ لما لها من أهمية وأثر كبير في المُجتمع أكمل.
- تسهيل إقناع الغير بأن الجميع قادرًا على بلوغ الغايات؛ فلا تتخطى قُدرة الإنسان، فيكون لهم المثال الحيّ للوصول.
- إثارة للإعجاب في النفوس ومُحاولة التقليد والارتقاء في درجات الكمال الإنساني.
- تكون دافعًا كبيرًا للإنسان للتغيير من نفسه، ومُحاولة النظر إلى من هُم أعلى منه لا من هُم دونه.
- التأثير في النفوس.. فتتغير الأفعال والسلوكيات؛ لما رأته في القدوة واقعًا بعيدًا عن التخيُلات.
- تُسهِم في رفعة شأن المُسلمين وصلاح حالهم.
- النهوض بسلوكيات المُجتمع والتحلي بالأخلاق الكريم والمبادئ المُناسبة.
لا يفوتك أيضًا: كيف يؤثر القدوة في الشخص المقتدي
نماذج في القُرآن الكريم عن القدوة الحسنة
ذكر لنّا الله تعالى الكثير من نماذج القدوة الحسنة من الرِجال والنساء، ذاكرًا صفاتهم وحاثًا على التحلي بها.
1- ذو القرنين
يُعتبر ذو القرنين من الشخصيات العظيمة التي ورد ذِكرها في القُرآن الكريم، فقال -تعالى- فيه: “إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا” (سورة الكهف: الآية 84)، فقد أمدّه الله بالكثير من بالقوة والتمكين في الأرض..
فامتاز بكونه نموذجًا سلوكيًا عظيمًا؛ بما تحلى به من صفات وأفعال كانت سببًا في وصوله إلى المكانة العظيمة فكان قدوة حسنة.. والذي زاد من جعله مثالًا مُشرِفًا أنه لم يستغل الهبة التي منحه الله إياها في الدُنيا ونيل الترف؛
بل سعى إلى تلبية حاجة البشر، قال تعالى: “قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ (سورة الكهف: 94)، فحمى الناس في الأرض من الفساد، وفعل الخير، إذ أجابهم قائلًا: قال تعالى: “قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا” [ الكهف: 95]
2- سيدنا مُحمد -صلى الله عليه وسلم-
إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أعظم قدوة في الدُنيا، قال تعالى:
“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” [ الأحزاب: 21].
فكان خير مُرشد ومُعلم حامِلًا كافة الصفات الحسنة والأخلاق القويمة، قال تعالى: “وإنك لعلى خُلقٍ عظيم” [ القلم: 4]
فنقتدي به في صفاته وأقواله وأعماله، متأثرين به.. فقد كان خير الناس لأهله ومع الناس، وقد عُرف بصدقه وأمانته قبل رسالته، ورُغم كُفر المُشركين به، إلا أنهم لا يُنكرون أخلاقه الحسنة، وكذلك الاقتداء به في العمل والتحلي بالأمانة..
3- امرأة فرعون
لم يذكر لنا القُرآن نماذج القدوة الحسنة من الرجال فقط؛ بل شمل عددًا من النساء، فكُن خير القدوة في الصبر والتفاؤل، فكانت امرأة فرعون من أبرز قدوة حسنة.
قال تعالى: “وضرب الله مثلا لِلذِين آمنوا امرأت فِرعون إِذ قالت ربِ ابنِ لِي عِندك بيتا فِي الجنةِ ونجِنِي مِن فِرعون وعملِهِ ونجِنِي مِن القومِ الظالِمِين” [ التحريم: 11]
فضلًا عن دورها العظيم في حياة سيدنا موسى عليه السلام، فكانت المُربية والحاضنة ومن الأوائل الذين آمنوا برسالته السماوية، وتحمُلها التعذيب الشديد؛ إثر إيمانها..
فعلى النساء جميعًا أن تضعها نُصب عينيها دائمًا مُحاولين التحلي بصفاتها في سبيل رفعة الدين وحماية قناعاتهنّ الخاصة.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن قصة شاب فقير أصبح غني
خاتمة موضوع تعبير عن القدوة الحسنة
إن القدوة الحسنة من أهم الأمور التي يجب أن تضمها المُجتمعات، فتُفيد وتُرتقي بالإنسانية وتُسهم في نهضة الأمم.. وعليك أن تُحسِن اختيار قدوتك؛ بحيث تكون شاملة جميع الضوابط المنصوص عليها، قال تعالى: “أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ” [ الأنعام: 90]
في ختام موضوع تعبير عن القدوة الحسنة لا يُمكن أن يكون المُجتمع سويًّا إذا سار كُل منّا وفق نُظمه وسلوكياته الخاصة؛ بل يجب أن يكون لدينا جميعًا مثالًا أعلى نقتدي به، قد يكون الأب أو المُعلم أو شخصية شهيرة.