إن الوالدين لهما مقام وشأن يفشل الإنسان عن عقلِه، مهما حاول واجتهد إلا أنه لن يتمكن من رد فضلِهما عليه، فهُما من كرسّا حياتهما للرعاية الأبناء لرفع شأنهم في الحياة حتى الوصول إلى أعلى المراتب.
عناصر البحث
- مقدمة بحث عن بر الوالدين.
- عناية الإسلام بالوالدين.
- ثمار بر الوالدين في الدنيا والآخرة.
- بر الوالدين واجب ولو كانا مُشركين.
- صور بر الوالدين.
- بر الوالدين لا يعني طاعتهما!
- بر الوالدين بعد موتهما.
- خاتمة البحث.
مقدمة بحث عن بر الوالدين
لقد بذل الوالدين الكثير من الجُهد والوقت للرفع من المستوى المادي والمعنوي والثقافي للأبناء.. رعاية وتربية وتلبية احتياجات تحملاها معًا لا سيّما في أشدّ المتاعب والإرهاق النفسي، فكيف لنّا رد هذا الجميل الصالح سوى ببرهما وطاعتهما؟
عناية الإسلام بالوالدين
اهتمام الإسلام بالوالدين لم يأتِ عبثًا، بل إن الدعوة كانت من أجل صون حقوقهم، ففضل هذا عظيم، وكان للوالدين على الأبناء فضل كبير.
إن الوالدين هُما السبب الأول لوجود الأبناء في الحياة بعد إرادته تعالى، فيعسر أن يُنسى ما تحملاه من مشقة وتعب لأجل استقرار حياة الأبناء، وتمتعهم براحة البال، يتبعون خطواتهِم لحمايتهم.
بوجهٍ خاص فإن الأم هي من حملت الابن لتسعة أشهُر في أحشائها، وتحملت لسنوات من أجل رعايته ويُصبح قادرًا على مواجهة الحياة وتحمُل المسؤولية.. فقال تعالى في سورة لُقمان:
“وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)”.
كما أن الأب هو من كدّ وشقى لراحة الأبناء، وتأمين الحياة الكريمة لهم، فيوجههم ويؤدبهم، ويصون كافة حقوقهم، فكمان كان لهم حصنًا في الدُنيا، يجب أن يكونوا هُم الحِصن المنيع له ببره وطاعته.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن طاعة الوالدين واجب ديني واجتماعي
ثمار بر الوالدين في الدنيا والآخرة
- برّ الوالدين من أحب الأعمال عند الله، فروى عبد الله بن مسعود أنه قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ”.
- مدّ العُمر والزيادة في الرِزق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن صلى الله عليه وسلم قال: “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”. الراوي : أنس بن مالك وأبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5956 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
- تفريج الكرب وزيادة الرِزق، ويرعى الله من برّ والديه، وإجابة الدعوات، فيعيش طيب القلب، في هناء وسعادة، فجاء عن أبو هريرة رضي الله عنه: “ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ؛ دَعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ”.
- يكون البار بوالديه في حصن ومعية الله، ويُصبح بينه وبين الجنة باب، فعن أبو الدرداء أن صلى الله عليه وسلم قال: “الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه”.
بر الوالدين واجب ولو كانا مُشركين
في عهد قُريش، وبرغم نزول الإسلام ومحاولة هداية الناس إلى طريق النور والنجاة من عذاب النار، إلا أن الكثير لم يسلم وما زالوا مُشركين، مع ذلك، وجب الإسلام برّ الوالدين ولو كانوا مُشركين بالله، أو عاصيين!
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: “قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ قُرَيْشٍ، إذْ عَاهَدُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومُدَّتِهِمْ مع أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وهي رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قالَ: نَعَمْ صِلِيهَا”. الراوي : أسماء بنت أبي بكر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3183 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
صور بر الوالدين
- التحبُب لهم، والجلوس بجوارهم، والمُناقشة معهم في كافة أمور الحياة.
- الإصغاء لهم جيدًا، والإقبال لهم عند الحديث، وعدم مُقاطعتهم أو النزاع معهم في الحديث.
- تذكيرهم بالله تعالى، وأجلّ العبادات، ونُصحهم بالتي هي أحسن.. فتُعينهم على الأعمال الصالحة.
- التودد لهُم، واحترامهم في الحديث، وتجنّب العطية في الخدمة، وإشعارهم بتفضل منك عند خدمتهم.
- عند النداء الأول، يجب الإسراع لتلبيتُه، والاستئذان قبل الدخول.
- الإصلاح بين الوالدين إن فسدت الأمور بينهُم.
- التوفيق بين الحياة الشخصية والوالدين، فللأزواج يجب الحرص على زرع المحبة في قلوبهم، وود العلاقة بينهم.
- الإحسان لهُما، وعدم التأفف أمامهم، أو زجرهم، أو عدم الاستماع لنصائحهم مما يودي به إلى المهالك.
- اِتباع كافة آداب الحديث، والجلوس بشكل صحيح أمامهم، واحترامهم سواء بمفردهما أو أمام الآخرين.
- الفرح بأوامرهما، والاستماع لها، وإشعارهم بمدى أهميته وكيف ستُساعده على التقدُم في حياته.
- المُحافظة على سُمعتهما، وعدم ارتكاب الفواحش، والمعاصي، والإحسان لهم.
- بعد الوفاة، يجب الدُعاء والاستغفار لهم، وطلب العفو والمغفرة، والحرص على كافة الأعمال الصالحة لتكون في ميزان حسناتهِم.
لا يفوتك أيضًا: حوار بين شخصين عن بر الوالدين في شكل (سؤال وجواب)
بر الوالدين لا يعني طاعتهما!
أمرين التُبِسَ فهمُهم على المُسلمين، وهو عدم التفرقة بين “الطاعة”، و”البر“.. إن الطاعة ليست سوى لله تعالى ولرسوله، في كافة ما نزل على المُسلمين.
في كافة الأدلة من آيات في القرآن عن بر الوالدين، لم يُذكر لفظ “الطاعة” سوى في حالة واحدة، عند الشِرك في الله، فقال تعالى في سورة لقمان:
“وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا (15)”
.. التفريق بين المعنيين بيّن:
- الطاعة تكون للاستجابة للأمر دون مُناقشة، وهذا باِتباع كافة تعاليم ديننا الحنيف دون نزاع أو خيرة، إلا أن مع الوالدين يُمككن مُناقشة الأمر للوصول إلى القرار الصائب الخيّر.
- إن الطاعة هيمنة واتضاع، وهذا لا يكون سوى لله تعالى، لا يجوز شرعًا للوالدين.
- في كثير من المسائل الاعتقادية كانت الطاعة مطلوبة، إلا أن أوامر الوالدين جميعها ليست نافذة، فقابلة للنقاش والتغيير لا السمع والطاعة!
بر الوالدين بعد موتهما
إن الإحسان وبر الوالدين لا يكون في حياتهما فحسب! بل يمتد البر إلى بعد مماتهم، بكثير من الأعمال التي تُخفف عنهم، وتعلو بهم درجات.. فجاء في الحديث:
“عن أبي أُسَيْد مالك بن ربيعة السَّاعدي قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بِرِّ أبوي شيء أبرُّهما به بعد موتهما؟
قال: نعم، الصَّلاة عليهما، والاستغفار لهُما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرَّحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهما”.
فبصلة الرحم لأصدقاء الميت صورة من بر الوالدين، لِما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن أبرَّ البرِّ صلةُ المرءِ أهلَ ودِّ أبيه بعد أن يوليَ”.
كما حث الله كُل مُسلم بالدُعاء على الوالدين في كافة الأوقات في قوله تعالى بسورة نوح:
” رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)”.
علموا أولادكم البر!
إن بر الوالدين لا يأتِ من أنفس الأولاد دون تعليم، فقال تعالى في سورة التحريم:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ (6)”.
فواجب على الآباء تعليم الأبناء الدين وأوامره وتطبيقُه، وهذا ما حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فبغرس الدين والأخلاق الإسلامية في صغرهم وإبعادهم عما يعيق عن تربيتهم في صلاح سيودي بهم إلى طريق عقوق الوالدين.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن فضل الوالدين وواجبنا نحوهم
خاتمة بحث عن بر الوالدين
للوالدين مكانة كبيرة عنى الإسلام غرسها في قلوب الأبناء باحترامهم ورعايتهم، وتوقير مكانتهم، فإن كان مُسلمًا بارًا بوالديه نال الثواب العظيم، وما دون ذلك فيأثم من عاقبة عقوق الوالدين.. وهي كبيرة من الكبائر.
يجب الامتثال لأوامر الله لِما فيه من نيل مكانة عظيمة في الدُنيا والآخرة، فيجني المُسلم المُطيع ثِمار اِتباعه لتعاليم ديننا الحنيف في دُنياه وآخرته، لا سيّما ببر والديه.. بكثير من الصور البسيطة مُمكنّة.