ما هي أول وصية وصّى بها لُقمان ابنه؟ وما هي العبرة المُستفادة من وصاياه؟، يُتسم الدين الإسلامي بشموله لكافة جوانب الحياة، ولقد قام الله سبحانه وتعالى بتوضيح الطريق الصحيح الذي يجب على المُسلم السير فيه، وذلك من خلال كتابه تعالى وسُنة نبيه –صلّى الله عليه وسلّم.
ومن الجدير بالذكر العلم بأن سورة لُقمان تضمنت العديد من الآيات القُرآنية المُشتملة على أخلاقيات ديننا الإسلامي الحنيف، وذلك باحتوائها على وصايا لُقمان لابنه، والمُتضمنة الكثير من تعاليم الشريعة، بالإضافة إلي الآداب المُختلفة كاحترام الغير والعطف، وغيرها من الأخلاق السامية.
أول وصية من وصايا لقمان لابنه
يتم تعريف الوصايا على أنّها النُصح بـ الخير واجتناب الشر، ومن الجدير بالذكر ان أعظم وصية أوصانا بها الله سُبحانه وتعالى في الحياة هي التقوى.
ولقد قال في كتابه الكريم: “والله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصيّنا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكُم أن اتقو الله، بالإضافة إلي قيام رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- بتوصية أصحابه الكثير من الوصايا.
حيثُ كان يقوم بتوصية الشخص بقدر ما يرى من استعداده، وفي ذلك الشأن ذُكر أنه أتى رجل إلي النبي فقال: “أوصني يا رسول الله! فإن شرائع الإسلام قد كثُرت عليّ، قال: لايزال لسانك رطبًا بذكر الله”.
تميز لُقمان المعروف باسم (لُقمان بن ياعور) بكونه شديد الحكمة والذكاء والفطنة، بالإضافة إلي اتّسامه بكُثرة التفكُر بشأن خلق الله عزّ وجل.
ولقد عُرف عنه كذلك أنّه كان كثير الصمت قليل الكلام، وإذا تكلم فيكون ذلك بهدف توجيه الناس في شئون حياتهم المُختلفة، ومن نعم الله عليه أن رزقه بمولود، فعمل على تربيته على حُب الله وطاعته، فإن الرجُل الصالح لا يوَرِث أبناؤه إلا الخير.
من الجدير بالذكر أن لُقمان قام بتوصية نجله بالكثير من الوصايا المُتعلقة بالدنيا والآخرة، والتي جمعت بين الشريعة والأخلاق والتعظيم لقُدرة الله.
والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، والصبر على الابتلاء، ويُمكننا من خلال السطور القادمة الإشارة إلي أول وصية وصّى بها لُقمان ولده:
التحذير من الشرك بالله تعالى، حيثُ قال الله تعالى بشأن هذه الوصية: “يا بُني لا تُشرك بالله إن الشرك لظُلمٌ عظيم”، المصدر فقام لُقمان بتحذير ابنه من الشرك بالله الذي تكثُر أبوابه وأنواعه، والتي من بينها العبادة والامتثال لغير الله تعالى، باعتبارها من أكبر الخطايا التي يُمكن أن يقوم بها الإنسان.
اقرأ أيضًا: من هو أول من جمع القرآن الكريم ؟
التحذير من الشرك بالله
في إطار حديثنا حول ما هي أول وصية وصّى بها لُقمان ابنه يجب العلم بأن الشرك بالله هو من أكبر الذنوب وأشدها، وما يترتب عليه من العذاب في الدنيا والآخرة هو أشد وأعظم.
فقد قام الله تعالى بتعذيب المُشركين الذين قاموا بالإعراض عن دعوة الرسول –صلّى الله عليه وسلّم-، وكانت النتيجة هي الهلاك لهم في الدنيا والآخرة.
يُعتبر الشرك بالله من الأمور التي يكون فيها ظُلم كبير للنفس وإثم كبير في حق الإنسان، حيثُ انه يصل به للعقاب والخُسارة في الدنيا والآخرة، ولقد قام الله سُبحانه وتعالى بتحذير عباده من الشرك به، ونص على ذلك الأمر في الكثير من الآيات القرآنية.
قام الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- بالتشديد على أصحابه بشأن هذا الأمر، ووضّح لهم أنواع الشرك حتى يبتعدوا عنه، فإن الشرك بالله يتمثل في نوعين:
- الشرك الأصغر، وهو الذي لا يُبعد صاحبه عن دين الإسلام، ولا يترتب عليه الخلود في النار وجحيمها، ولكن على الرغم من ذلك فإن صاحبه يمكُث في النار وفقًا لما أشرك، حتى وإن كان مصيره إلي الجنة بعد ذلك.
- الشرك الأكبر، وهو ذلك الشرك الأعظم الذي يُخرج صاحبه من الملة، ويُبعده عن عقيدة الإسلام الغرّاء، ويترتب عليه خلود صاحبه في النار.
يندرج تحت هذين النوعين من الشرك أبواب كثيرة وصور مُتعددة، والتي ينبغي على المُسلم أن يتجنبها، بالإضافة إلي ضرورة تذكُر أول وصية قام لُقمان بتوصيتها لولده، وهي عدم الشرك بالله تعالى، فيقوم بإخلاص النية لله تعالى أثناء قيامه وجلوسه وعبادته وصلاته وأعماله.
وذلك بغية استحقاق الرضا من الله تعالى ونيل ثوابه في الدنيا، والوصول إلي الجنة ونعيمها في الآخرة، مع إمكانية النجاة من نار جُهنّم والله اعلى وأعلم.
اقرأ أيضًا: ما هو حُكم الشرك في الألوهية
وصايا لقمان العشرة
من خلال حديثنا حول ما هي أول وصية وصّى بها لُقمان ابنه، يجب العلم بمجموع الوصايا التي قام لُقمان بتوصيتها لولده، وعكف على تعليمه إياها حتى يكون من خير الولد وينال برك
ة الله وحبه، ويتمثل عددها في عشر وصايا بمثابة الذخيرة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويُمكننا الإشارة إلي هذه الوصايا بشيء من التفصيل من خلال السطور القادمة:
- التحذير من الشرك بالله والكُفر به، باعتباره من أعظم الكبائر والآثام التي يظلم بها الإنسان نفسه.
- القيام بطاعة الوالدين، والعمل على برهما، وخاصة الأم وفقًا لما تحملته في الكثير من الفترات كالحمل والإنجاب والرضاعة وغيره.
- الابتعاد عن التعدي على حدود الله تعالى، بالإضافة إلي ضرورة العلم بوجود الله في كل وقت وحين، ونستشعر مُراقبته في الخفاء والعلن.
- القيام بأداء الصلوات التي فرضها الله علينا في أوقاتها المعلومة، مع ضرورة الإخلاص فيها وابتغاء وجه الله بها.
- العمل على أمر الناس بالمعروف والابتعاد عن المُنكر والإثم.
- التعامل مع الناس بإحسان وصبر وسعة صدر وخُلق.
- اجتناب التكبُر والغرور والإعجاب بالنفس، حيثُ إن الله لا يُحب الفخورين والمُستكبرين، لقوله تعالى: “والله لا يُحب كُل مُختالًا فخور”.
- الحث على كون الإنسان متواضعًا في كافة الأمور ومع كل الأشخاص.
- الحرص على الالتزام بآداب الحديث مع الوالدين والأقارب، وكذلك الغُرباء.
اقرأ أيضًا: من واجبنا نحو الصحابة رضي الله عنهم
العبرة المُستفادة من وصايا لقمان
استكمالًا لحديثنا حول ما هي أول وصية وصّى بها لُقمان ابنه يجدُر بنا الإشارة إلي العبرة المُستخلصة من وصايا لُقمان لولده، والتي تتمثل في:
كون الشرك بالله من أعظم الكبائر والآثام التي تودي بحياة صاحبه إلي الهلاك، ولا يقوم الله سُبحانه وتعالى بالغُفران لمُرتكبها، كما عمل على توصيته بحُسن المُعاملة للوالدين وخاصة الأم، بالإضافة إلي أن أمر تربية الوالدين لأولادهم تربية حسنة.
والعمل على زرع الاخلاق الحميدة والآداب الإسلامية تُمكّن الوالدين مُستقبلًا من قطف الثمار التي قاموا بزرعها من خلال رؤيتهم قد وصلوا إلي أعظم مكانة، وأصبحوا لأخلاقهم وقيمتهم محل تقدير واحترام من الجميع.
إن التزم كُل شخص في المُجتمع بهذا المنهج القيّم، ورجع إلي سابق عهده كما قام الرسول –صلّى الله عليه وسلّم- بتأسيسه عليه والصحابة أجمعين.
باعتبار أن كُل شخص يُمكن أن يؤثر ويتأثر بما حوله لساد الرخاء والأمان في المُجتمع، ولم يوجد حروب ولا خلافات، وتمكنت الأسرة من العيش في جو من الطاعة لله والحب والإخلاص.
في نهاية حديثنا حول ما هي أول وصية وصّى بها لُقمان ابنه، يتوجب على كُل مسلم الالتزام بالوصايا الواردة في كتاب الله تعالى وسُنة نبيه لكونها تعمل على تنظيم الحياة الاجتماعية، بالإضافة إلي كونها حبل النجاة للمُسلمين الموحدين بالله سبحانه وتعالى.